يشرح سوراف ماندال في مقاله أن الدماغ البشري مبرمج على تجنّب المشقة. هذه الفكرة تنبع من ما يُعرف بنظرية "البخيل المعرفي" (Cognitive Miser Theory)، التي ترى أن الدماغ يسلك أقصر طريق ممكن لتوفير الطاقة. في عصور ما قبل التاريخ، كان ذلك ضروريًا للبقاء؛ إذ كان الإنسان يحتاج إلى الصيد والهروب من المفترسين وحماية نفسه، وكان أي جهد إضافي قد يهدد حياته.
لكن رغم مرور آلاف السنين، لم يتطور الدماغ كثيرًا. لا يزال يعيش بمنطق العصور الحجرية. لذلك حين يجد الإنسان نفسه يفضّل النوم بدل الذهاب إلى الجيم، أو يؤجل عملًا صعبًا، أو يقضي ساعات يتصفح إنستغرام ويأكل الوجبات السريعة، فالأمر ليس ضعف إرادة بل استجابة بدائية غريزية للراحة.
يرى ماندال أن هذه الراحة المزيّفة تجعل الحياة أكثر صعوبة على المدى الطويل. الأشياء السهلة تُرضي الإنسان فورًا لكنها تزرع الملل والإحباط لاحقًا. في المقابل، الأفعال الصعبة — مثل الالتزام بالتمارين، أو إتقان مهارة، أو مواجهة مشروع معقد — تُتعبك الآن لكنها تبني لك حياة أكثر راحة واستقرارًا لاحقًا.
الدماغ لا يفهم أن العالم تغيّر. لم يعد الصيد خطرًا، ولا الحاجة إلى الركض للنجاة قائمة، لكن العقل ما زال يحاول الاقتصاد في الجهد وكأن البقاء يعتمد عليه. لذلك يحتاج الإنسان الحديث إلى إعادة برمجة نفسه ليتعامل مع الصعوبة كأداة تطوير لا كتهديد.
الصعوبة في منظور الكاتب ليست عدوًا، بل ممرًا إلى السهولة. الشخص الذي يتعوّد على الانضباط، على مقاومة الإغراءات الصغيرة، وعلى مواجهة ما يخافه، هو في النهاية من يعيش حياة أكثر بساطة وراحة. من يتجنّب التحديات يعيش في قلق دائم لأنه لم يبنِ مرونة داخلية.
يؤكد ماندال أن التقدم الشخصي يبدأ حين يتوقف الإنسان عن ملاحقة "المكافأة السريعة" ويستثمر في العمل الطويل المدى. يربط هذا بما نعرفه عن الدوبامين — هرمون المكافأة — الذي يجعلنا نلهث خلف المتعة الفورية، بينما الإنجاز الحقيقي يأتي من الألم المؤقت والانضباط المستمر.
في الختام، يدعو الكاتب إلى معادلة بسيطة: افعل الأمور الصعبة لتعيش بسهولة. لأن الطريق السهل اليوم يخلق حياة معقدة غدًا، بينما الطريق الصعب الآن يصنع غدًا أسهل وأكثر حرية.
https://medium.com/@mandalsaurav3/do-hard-things-if-you-want-an-easy-life-81be3a096207

